الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

[منعاً بمنع]

جاء في كتاب مفتاح دار السعادة
لابن القيم مانصه :
[منعاً بمنع]
وتأمل حكمة الله عز و جل في حبس الغيث
عن عباده، وابتلائهم بالقحط إذا منعوا
الزكاة وحرموا المساكين، كيف جوزوا
على منع ما للمساكين قِبَلَهم من القوت
بمنع الله مادة القوت والرزق وحبسها عنهم
فقال لهم بلسان الحال منعتم الحق فمنعتم الغيث
 فهلا استنزلتموه ببذل ما لله قِبَلَكُم.
[وصداً بصد]
وتأمل حكمة الله تعالى في صرفه الهدى
والإيمان عن قلوب الذين يصرفون الناس عنه
فصدهم عنه كما صدوا عباده، صداً بصد
ومنعا بمنع.
[وإتلاف بإتلاف]
وتأمل حكمته تعالى في محق أموال المرابين، وتسليط المتلفات عليها كما فعلوا بأموال الناس ومحقوها عليهم وأتلفوها بالربا، جوزوا إتلافا بإتلاف، فقلَّ أن ترى مرابياً إلا وآخرته إلى محق وقلة وحاجة.
[ وكما تكونون يولى عليكم ]
وتأمل حكمته تعالى في تسليط العدو
على العباد إذا جار قويهم على ضعيفهم
ولم يؤخذ للمظلوم حقه من ظالمه، كيف يسلط
عليهم من يفعل بهم كفعلهم برعاياهم وضعفائهم
سواء، وهذه سنة الله تعالى منذ قامت الدنيا
إلى أن تطوى الأرض ويعيدها كما بدأها
وتأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد
وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم
بل كأن أعمالهم ظهرت في صورولاتهم وملوكهم
 فإن استقاموا استقامت ملوكهم، وإن عدلوا عدلت
عليهم، وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم
 وإن ظَهرَ فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك
 وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها
منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق
وبخلوا بها عليهم، وإن أخذوا ممن يستضعفونه
ما لا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم
الملوك ما لا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف، وكل ما يستخرجونه من الضعيف
يستخرجه الملوك منهم بالقوة، فعمَّالُهم ظهرت
في صور أعمالهم.وليس في الحكمة الإلهية
أن يولىَّ على الأشرار الفجار إلا من يكون
من جنسهم.
ولما كان الصدر الأول خيارالقرون وأبرها
كانت ولاتهم كذلك، فلما شابوا شابت لهم الولاة
 فحكمة الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه
الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز
فضلاً عن مثل أبي بكر وعمر
بل ولاتنا على قدرنا، وولاة من قبلنا على قدرهم
وكل من الأمرين موجب الحكمة ومقتضاها.
مفتاح دار السعادة 2/175-179
فنسأل الله أن يغفر لنا ذنوبنا التي سلطت علينا 
 فلنراجع أنفسنا ونياتنا وأعمالنا

0 التعليقات: