الاثنين، 29 أكتوبر 2012

كيف تنمي معاني الرجولة في أطفالك؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
 أما بعد
فإنَّ مما يعاني منه كثيرمن الناس ظهور
الميوعة وآثارالتّرف
في شخصيات أولادهم،وهذه من المشكلات
التربوية الكبيرة في هذا العصر
 وهناك عدَّة حلول إسلامية وعوامل شرعية
لتنمية الرّجولة في شخصية الطّفل،
ومن ذلك ما يلي(1):
- أخذه للمجامع العامة وإجلاسه مع الكبار
وهذا مما يُلقّح فهمه ويزيد في عقله
ويحمله على محاكاة الكبار، ويرفعه عن
الاستغراق في اللهوواللعب
 وكذا كان الصحابة -رضي الله عنهم- يصحبون
أولادهم إلى مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم
ومن القصص في ذلك: ما جاء عن مُعَاوِيَةَ
بن قُرَّة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه
وسلم- إِذَا جَلَسَ يَجْلِسُ إِلَيْهِ نَفَرٌمِنْ أَصْحَابِهِ
وَفِيهِمْ رَجُلٌ لَهُ ابْنٌ صَغِيريَأْتِيهِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ
فَيُقْعِدُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهَلَكَ فَامْتَنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَحْضُرَ
الْحَلْقَةَ لِذِكْرِ ابْنِهِ فَحَزِنَ عَلَيْهِ فَفَقَدَهُ
النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-
فَقَالَ: (مَا لِي لاَ أَرَى فُلاَنًا؟). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ
بُنَيَّهُ الَّذِي رَأَيْتَهُ هَلَكَ.
فَلَقِيَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلَهُ
عَنْ بُنَيِّهِ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ هَلَكَ فَعَزَّاهُ عَلَيْهِ
ثُمَّ قَالَ: (يَا فُلاَنُ أَيُّمَا كَانَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ تَمَتَّعَ
بِهِ عُمْرَكَ أَوْلاَ تَأْتِي غَدًا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ
إِلاَّ وَجَدْتَهُ قَدْ سَبَقَكَ إِلَيْهِ يَفْتَحُهُ لَكَ؟)
قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَلْ يَسْبِقُنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ
فَيَفْتَحُهَا لِي لَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ. قَالَ: (فَذَاكَ لَكَ)
(رواه النسائي، وصححه الألباني).
- تحديثهم عن بطولات السابقين واللاحقين
والمعارك الإسلامية وانتصارات المسلمين؛ لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة
وكان للزبير بن العوام -رضي الله عنه-
طفلان أشهد أحدهما بعضَ المعارك
وكان الآخر يلعب بآثار الجروح القديمة
في كتف أبيه كما جاءت الرواية عن عروة
بن الزبير: "أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله
عليه وسلم- قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ:
أَلا تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟
فَقَالَ: إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ. فَقَالُوا: لا نَفْعَلُ
فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ -أي على الروم- حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً فَأَخَذُوا
-أي الروم- بِلِجَامِهِ -أي لجام الفرس
فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ
ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْر
قَالَ عُرْوَةُ: كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ
أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ
 قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ
وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلاً"
(رواه البخاري)
* قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-
في شرح الحديث:
"وَكَأَنَّ الزُّبَيْر آنَسَ مِنْ وَلَده عَبْد اللَّه شَجَاعَة
وَفُرُوسِيَّة فَأَرْكَبَهُ الْفَرَس وَخَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُهْجَم
بِتِلْكَ الْفَرَس عَلَى مَا لا يُطِيقهُ
فَجَعَلَ مَعَهُ رَجُلا لِيَأْمَنَ عَلَيْهِ مِنْ كَيْدِ الْعَدُوّ
إِذَا اُشْتَغَلَ هُوَ عَنْهُ بِالْقِتَالِ
وَرَوَى اِبْن الْمُبَارَك فِي الْجِهَاد عَنْ هِشَام
بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر
أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِيهِ يَوْم الْيَرْمُوك، فَلَمَّا اِنْهَزَمَ
الْمُشْرِكُونَ حَمَلَ فَجَعَلَ يُجْهِز عَلَى جَرْحَاهُمْ
وَقَوْله: "يُجْهِز" بِضَمِّ أَوَّله وَبِجِيمٍ وَزَاي أَيْ يُكْمِل
قَتْل مَنْ وَجَدَهُ مَجْرُوحًا، وَهَذَا مِمَّا يَدُلّ عَلَى
قُوَّة قَلْبه وَشُجَاعَته مِنْ صِغَره"
فتح الباري.
- تعليمه الأدب مع الكبار: ومن جملة ذلك
ما رواه أَبو هُرَيْرَةَ
عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
(يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ
وَالْمَارُّ عَلَى الْقَاعِدِ ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ)
(رواه البخاري)
- إعطاء الصغير قدره وقيمته في المجالس:
ومما يوضح ذلك الحديث التالي عن سَهْلِ
بْنِ سَعْدٍ قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ
وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ
وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ فَقَالَ: (يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ
لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟)
قَالَ: "مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا
يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ"
(رواه البخاري)
- تعليمه الرياضات الرجولية: كالرماية
والسباحة وركوب الخيل
وجاء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ قَالَ: "كَتَبَ عُمَرُ
إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ أَنْ عَلِّمُوا غِلْمَانَكُمْ الْعَوْمَ"
(رواه أحمد، وقال الشيخ أحمد شاكر:
إسناده صحيح)
- تجنيبه أسباب الميوعة والتخنث:فيمنعه
وليّه من رقص كرقص النساء
وتمايل كتمايلهن، ومشطة كمشطتهن
ويمنعه من لبس الحرير والذّهب
وقال مالك -رحمه الله-: "وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَلْبَسَ
الْغِلْمَانُ شَيْئًا مِنْ الذهَبِ
لأَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
نَهَى عَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَبِ
فَأَنَا أَكْرَهُهُ لِلرِّجَالِ الْكَبِيرِ مِنْهُمْ وَالصَّغِيرِ
(موطأ مالك)
- تجنب إهانته خاصة أمام الآخرين.
- عدم احتقار أفكاره وتشجيعه على المشاركة.
- إعطاؤه قدره وإشعاره بأهميته، وذلك يكون
بأمور مثل: إلقاء السّلام عليه، وقد جاء
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه-:
 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ.
 (متفق عليه)
- استشارته وأخذ رأيه
- توليته مسؤوليات تناسب سنّه وقدراته
- استكتامه الأسرار، ويصلح مثالاً لهذا
والذي قبله حديث أَنَسٍ -رضي الله عنه-
قَالَ: "أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ
وَأَنَا أَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ قَالَ: فَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَبَعَثَنِي
إِلَى حَاجَةٍ فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ
قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ لِحَاجَةٍ.
 قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ.
قَالَتْ: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ أَحَدًا"
(رواه مسلم).
* وعن ابْن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-
قال: كُنْتُ غُلامًا أَسْعَى مَعَ الْغِلْمَانِ فَالْتَفَتُّ
فَإِذَا أَنَا بِنَبِيِّ اللَّهِ خَلْفِي مُقْبِلاً
فَقُلْتُ: مَا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ إِلا إِلَيَّ، قَالَ: فَسَعَيْتُ
حَتَّى أَخْتَبِئَ وَرَاءَ بَابِ دَارقَالَ: فَلَمْ أَشْعُرْ
حَتَّى تَنَاوَلَنِي فَأَخَذَ بِقَفَايَ فَحَطَأَنِي حَطْأَةً
-ضربه بكفّه ضربة ملاطفة ومداعبة-
فَقَالَ: (اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ)
 قَالَ: وَكَانَ كَاتِبَهُ فَسَعَيْتُ فَأَتَيْتُ مُعَاوِيَةَ
فَقُلْتُ: أَجِبْ نَبِيَّ اللَّهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَاجَةٍ"
(رواه مسلم وأحمد واللفظ له)
- وهناك وسائل أخرى لتنمية الرجولة
لدى الأطفال منها:
- تعليمه الجرأة في مواضعها ويدخل
في ذلك تدريبه على الخطابة
- الاهتمام بالحشمة في ملابسه وتجنيبه الميوعة
في الأزياء وقصّات الشّعر والحركات والمشي
- إبعاده عن التّرف وحياة الدّعة والكسل
والرّاحة والبطالة
 وقد قال عمر -رضي الله عنه-: "اخشوشنوا
فإنّ النِّعَم لا تدوم"
- تجنيبه مجالس اللهو والباطل والغناء والموسيقى
فإنها منافية للرّجولة ومناقضة لصفة الجِدّ
هذه طائفة من الوسائل والسّبل التي تنمي
الرجولة في نفوس الأطفال،
والله الموفّق للصواب
وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

0 التعليقات: